هذه أسباب ارتفاع سعر الدولار… وهذا ما ينتظر اللبنانيين!
استفاق اللبنانيون اليوم على رقم قياسي جديد سجّله سعر صرف الدولار في السوق السوداء والذي يعدّ، على الأرجح، الأسرع عالمياً في كسر الأرقام القياسية التي يسجّلها بنفسه، حيث تخطّى عتبة الـ 38000 ليرة لبنانية للدولار الواحد. ومع هذه الارتفاعات التي تزيد المشهد الاقتصادي والمعيشي سواداً، تبقى التجاذبات السياسية قائمة من دون اتخاذ اي خطوات إصلاحية منذ ثلاث سنوات، مع تخوفات من شغور رئاسي محتمل سيفاقم قريباً من مأساة اللبنانيين. فما أسباب التحليق الكبير والمفاجئ لسعر الدولار. وماذا ينتظر البلد في المرحلة المقلبة؟
الخبير الاقتصاد وليد أبو سليمان يوضح لـ “المركزية” أن “أكثر من عامل يؤثّر على ارتفاع سعر الصرف”، مفنّداً أبرزها على الشكل الآتي: “أوّلاً، رفع الدعم عن المحروقات، المتوقع أن ترتفع أسعارها يومياً، وهذا ما أدّى إلى ارتفاع الطلب على الدولار في حين أن للعرض والطلب تأثير على سعر الصرف. ثانياً، حجم التداول على منصة صيرفة انخفض والدولارات لم تعد تباع بالحجم السابق نفسه. ثالثاً، البلد أمام تشنجّ سياسي لا يعطي ثقة للعملة الوطنية. هذا إضافةً إلى مغادرة السواح والمغتربين لبنان بعد انتهاء الموسم السياحي والذين كانوا يدخلون، نوعاً ما، العملة الصعب إلى البد، الأمر الذي كان يساهم عملياً في الحفاظ على سعر صرف الدولار. رابعاً، احتمال المضاربة على العملة لقاء أغراض سياسية أيضاً وارد على غرار تشكيل الحكومة مثلاً”.
ويرى أن “مسار الدولار تصاعدي لأن ممثلي الدولة، لا سيما الحكومة ومجلس النواب، أخفقوا في إنجاز الإصلاحات المرجوّة من صندوق النقد الدولي وهذا الواقع لا يعيد الثقة بالاقتصاد المحلي، في حين أن عملة البلد تعدّ مرآة لاقتصاده”، معتبراً أن “ارتفاع سعر الصرف سلاح فتّاك يفتك بالمجتمع والاقتصاد ويأكل قدرة المواطنين الشرائية”.
وإذ كان الدولار حلّق في أيّار الماضي، متجاوزاً مستوى الـ37000 ليرة لأوّل مرّة في تاريخ لبنان، اتخذ مصرف لبنان آنذاك إجراءات استثنائية عبر زيادة ضخّ الدولارات من خلال منصة “صيرفة” ما أدّى إلى انخفاض كبير للدولار ومّا إذا كان “المركزي” سيتدخّل هذه المرة أيضاً، يجيب أبو سليمان “يمكنه ذلك، إلا أن ما من استدامة لتدخّله، لأنه في التجربة السابقة تسبب بنزيف في احتياطه وفرّط به وهو عملياً أموال المودعين. وإذا كان أوقف الدعم عن المحروقات حفاظاً على ما تبقى من هذا الاحتياطي، فلمَ العودة إلى استنزافه من خلال التدخل لتخفيض سعر الصرف؟”.
ووسط التخوفات من دولرة الاقتصاد والتعامل التجاري بالدولار حصراً عوضاً عن الليرة، يشير إلى أن “البلد يتّجه بخطى ثابتة نحو الدولرة الشاملة، إلا أن 80 إلى 85% من القوى العاملة أو الموظفين مداخيلهم بالليرة اللبنانية وعلى رأسهم القطاع العام، بالتالي لا يمكن دولرة الاقتصاد ما لم يحّل موضوع الرواتب والأجور أوّلاً”.