“الشمال الثالثة” تتّجه لتأكيد لونها السيادي وشطب صورة انتخابات 2018

“الشمال الثالثة” تتّجه لتأكيد لونها السيادي وشطب صورة انتخابات 2018

الكاتب: الان سركيس | المصدر: نداء الوطن
13 ايار 2022

تبقى ساعات فاصلة قبل توجّه الناخبين إلى صناديق الإقتراع في معركة هي الأصعب في تاريخ لبنان حيث سيتمّ تحديد المسار الذي ستسلكه الأمور.

يمكن أن تطلق كل الأوصاف على معركة الشمال الثالثة الشرسة، لكن الأكيد أن نتائجها ستحدّد الأحجام داخل الساحة المسيحية وستنعكس على الإنتخابات الرئاسية المقبلة.

وفي السياق، فإنّ كل القوى المسيحية حاضرة ليوم المنازلة الكبرى، وتسعى كل لائحة إلى نيل العدد الأكبر من الأصوات والمقاعد، ونظراً إلى الأهمية الإستراتيجية لهذه الدائرة التي تتألف من أقضية البترون والكورة وبشري وزغرتا، فقد تدخّل الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله وجمع كلّاً من رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في محاولة لتأمين فوز باسيل في البترون وتحقيق خرق للائحة «القوات اللبنانية» في بشري.

وفي السياق، فإن صبّ قسم من أصوات «المردة» لصالح باسيل في البترون يبدو أمراً غير متاح لغاية الآن لأن كل لائحة تحتاج إلى أي صوت، في حين أنّ دعم المرشّح على لائحة «المردة» وليم طوق من قِبل مناصري «التيار الوطني الحرّ» في بشرّي لن يؤدّي إلى فوزه بعدما ضمنت «القوات» تحقيق رقم عالٍ في القضاء. ويحاول باسيل تحصين حاصله في البترون وضمان الفوز بمقعده، في وقت يسعى «المردة» إلى الفوز بثلاثة حواصل في الدائرة، ويبقى تبادل الأصوات بين البترون وبشرّي رهن ربع الساعة الأخير خصوصاً أن فرنجية وباسيل لا يرفضان أي طلب لنصرالله ويبذلان كل جهد لإرضاء «الممانعين».

ويعمل رئيس حركة «الإستقلال» ميشال معوّض لتأمين فوز لائحته المتحالفة مع حزب «الكتائب» والمرشح مجد حرب بحاصل ثانٍ خصوصاً أن لائحته تعمل في أقضية الشمال الثالثة لتحقيق النتيجة المنشودة، ويخوض حليفه حرب معركة صعبة في البترون عنوانها إسقاط باسيل.

وتسعى لائحة «شمالنا» للوصول إلى الحاصل وتحقيق الخرق، في حين أن لائحة تحالف الحزب «الشيوعي» مع شربل نحاس تحاول الأكل من صحن «شمالنا».

من جهة ثانية، يبقى «البلوك» القواتي صامداً على رغم كل المتغيرات، وقد أعطت صورة انتخابات الخارج دفعاً لـ»قوات» الداخل خصوصاً في «الشمال الثالثة»، وتشير الإحصاءات إلى اقتراع أكثر من 8 آلاف مغترب في هذه الدائرة لمصلحة لائحة «القوات»، أي تقريباً نصف أعداد المقترعين.

وأمام الإندفاعة الخارجية، باتت «القوات» على بُعد مسافة قليلة من الفوز بالحاصل الرابع لكن هذه النتيجة تحتاج إلى جهود كبرى، بينما لا يسقط من الحسابات إستشراس «حزب الله» في تحقيق خرق في معقل «القوات» حيث لن يوفّر أيّ جهد من أجل تحقيق هدفه.

وبعد التدخل الشخصي لنصرالله، باتت المواجهة وجهاً لوجه بين «القوات» و»حزب الله» الذي يدعم حلفاءه المسيحيين بشتّى الوسائل، بينما تعمل «القوات» على الأرض بماكينة انتخابية منظّمة من أجل تحصين ساحتها ومنع تحقيق أي مفاجأة غير سارّة في الدائرة التي تُعتبر هي الأقوى فيها.

ويساعد التعاطف الشعبي «القوات» في معركتها، بينما يخوض كل من باسيل وفرنجية قتالاً تراجعياً، إذ إنّ هناك إجماعاً على أن الرجلين لن يحصدا أرقام الدورة الماضية، فهما يعملان من أجل كسب رضى نصرالله، في حين أن «القوات» تعمل بجهد من أجل كسب ثقة الناخب في أقضية بشرّي والكورة والبترون وزغرتا.

وتضمّ هذه الدائرة قوة سنّية ناخبة لا تتمثّل بمقعد وتتوزّع بين أقضية زغرتا والكورة والبترون، لكن كل دعوات الرئيس سعد الحريري للإعتكاف لم تلقَ آذاناً صاغية في هذه الدائرة، فقد نجحت التعبئة التي قام بها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس فؤاد السنيورة واللواء أشرف ريفي ورجل الأعمال بهاء الحريري عبر حركة «سوا للبنان» التي تملأ شعاراتها ساحل هذه الدائرة، في حثّ الناخب السنّي على المشاركة الكثيفة في الإقتراع، ويملك هذا الناخب خيارات واضحة وستصبّ أصواته بشكل كبير ضدّ محور «الممانعة». ويبدو أن الأقلية الشيعية والعلوية ستصوّت للوائح «التيار الوطني الحرّ» و»المردة» عكس الإتجاه السنّي العام، وذلك من أجل مساندة حلفاء «حزب الله» في الدائرة.

إذاً، تتّجه دائرة الشمال الثالثة إلى تأكيد لونها السيادي وشطب صورة انتخابات 2018 التي أعطت حلفاء «حزب الله» المسيحيين 6 مقاعد من أصل 10، فهل ينجح الناخب في هذه الدائرة في قلب النتيجة؟