الدعم الخليجي بنفحة سياسية محفزة
الدلالة الأهم في تحرك السفير السعودي وليد البخاري في اتجاه بعض المناطق ال#لبنانية، وان اثار انطباعات متفاوتة مؤيدة او متحفظة حسب مواقع الافرقاء السياسيين لا سيما من يزعجهم نشاط مفاجىء لم يكن متوقعا قبل اسابيع قليلة ، ولاحقا في تحرك سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في اتجاه دار الفتوى والحض على عدم مقاطعة الانتخابات هي تبلور اقتناع بان هذا التحرك الخليجي ضرورة ولا بد منه في هذه المرحلة.
مسافة طويلة قطعها هؤلاء السفراء في مدة قصيرة نسبيا وغير متوقعة بين عودتهم مطلع بداية شهر رمضان وفي مناسبته وليس قبل موعد الانتخابات مباشرة . اذ ان هذا التحرك يستدرك الفراغ الخليجي الذي حصل بانسحاب السفراء من لبنان على خلفية تصريحات الوزير السابق جورج قرداحي ويظهر دينامية عن اقتناع بان لبنان ليس قضية خاسرة بالنسبة اليهم ولا يجب ان يتحول او يكون كذلك ويمكن العودة الى الانخراط فعليا في ظل ما تشهده الساحة السنية في شكل خاص بعيدا من مرجعية موحدة خارج اطار دار الفتوى . المؤشرات المبدئية التي تعني عدم ترك الساحة السنية لاحباطها وابتعادها عن المشاركة في #الانتخابات النيابية تشكل اختبارا قويا للقدرة على تحفيز الناس على التوجه الى اقلام الاقتراع فيما ان الاعتبارات لليأس لدى هؤلاء من الواقع الراهن متعددة ولا يسهل تقديم البدائل في شأنها.
والتحرك الديبلوماسي الخليجي وفق ما يرى معنيون يبدو ضرورة من زاوية ان القوى المحلية التي تتحرك في الفراغ السني الذي خلفه ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن المشاركة السياسية تحتاج الى بعد عربي خليجي مساند بحيث لا تبدو انها تتحرك لاهداف غير تلك المتعلقة بمنع استغلال الاخرين الفراغ وكسب مواقع قد يكون صعبا استعادتها .يضاف الى ذلك الرسالة التي تفيد بان هذه الطائفة ممثلة بدار الفتوى مدعومة بسند عربي خليجي يوافقها الرؤية وان هذا السند موجود لدعم الطائفة ولبنان وليس بعيدا منها بخلاف ما سادت الانطباعات في العامين الاخيرين لا سيما لجهة مواجهة الطائفة السنية تخلي الدول العربية الخليجية عنها فيما كانت تنفتح او تدعم طوائف اخرى ، ما سهل اضعافها واستنزافها في ظل الصراعات الداخلية والاقليمية . وهذه نقطة انتقاد ولا تقتصر المخاوف على عدم حماسة الناس على الاقتراع على الطائفة السنية في ظل الدعوات المتكررة لكل المرجعيات الدينية والسياسية من اجل المشاركة الكثيفة، ولكن الخشية ان تكون النسبة الاكبر المحتملة لعدم الحماسة هي لدى الطائفة السنية ما يتيح لافرقاء سياسيين اخرين كسب مقاعد سنية وتعزيز الاكثرية التي يطمحون لها هؤلاء. فالخلاصة التي تعززت عبر هذا التحرك انه لو استمرت المقاطعة الديبلوماسية الخليجية للبنان كما حصل في الاشهر الاخيرة من العام الماضي ولم يتم استدراك الامور باعادة تطبيع العلاقات مع لبنان، فان هذه المقاطعة كانت ستساهم في تعزيز سعي قوى اقليمية لتعبئة هذا الفراغ ونجاح جهود ابعاد لبنان عن محيطه العربي وربطه بمحور اقليمي اخر ، وهو ما تمحورت عليه المبادرة الفرنسية المدعومة كويتيا اخيرا وقبلها المبادرة الفرنسية الأميركية في اتجاه المملكة السعودية في الصيف الماضي. والمبدأ نفسه يتم السعي الى تطبيقه راهنا في مبدأ تحفيز ابناء الطائفة السنية لئلا يوظف الاخرون في هذا الفراغ تعزيزا لاوراقهم ومواقعهم . والرسائل الواضحة التي توجه لهذه الغاية لا يشوبها اي التباس من دون ان تخلو ايضا من مضمون مضمر يندد بالمقاطعة و”السلبية” تجاه الانتخابات.
والمشكلة الاساسية تتصل في هذا الاطار ان الرئيس فؤاد السنيورة يكاد يكون الوحيد الذي يعطي مضمونا سياسيا للانتخابات لدى الطائفة السنية في الوقت الذي يضعف هذا المضمون لدى غالبية المرشحين من السنة في اللوائح المرتبكة بين العناوين السياسية وعدم ترك السلطة ل” حزب الله”، والعناوين الحياتية في الوقت الذي تعاني فئات واسعة من المناطق ذات الثقل السني الى مشاكل حياتية صعبة في غياب المساعدات المباشرة التي تقدمها الاحزاب السياسية الاخرى لمناصريها . بالاضافة الى واقع مراعاة حساسية الجمهور السني الذي لا يمكن دحض تعاطف غالبية لديه مع الرئيس سعد الحريري لا سيما في عدم تهاون زعماء الاحزاب في مواصلة ما دأبوا على القيام به على رغم الانهيار وشعور الكثيرين منهم بان الرئيس السابق للحكومة قد يدفع وحده ثمن التغيير المطلوب . في الوقت الذي يخشى المراقبون ان الحملات الاعلامية عليه او الانتقادات له قد تستفز الكثير من جمهوره او مناصريه وتأتي بنتائج معاكسة للمضمون المطلوب من هذه الحملات .اذ ينتظر كثر الانتخابات لرصد اذا كانت القواعد الشعبية ستحاسب هؤلاء الذين اوصلوهم الى ” هوة الفقر” وفق تقرير المسؤول الاممي اوليفيه دو شاتر الذي خلص الى ان الازمة الاقتصادية هي من مسؤولية السلطة والمصرف المركزي فيما ان هؤلاء الاطراف في السلطة يشعرون انهم يمكنهم النفاذ بكل ما قاموا به من دون محاسبة وفق ما تضمنه التقرير الاممي.
يأمل بعض المراقبين ان يكون توقيت الرسائل من السفراء الخليجيين جاء في الوقت الصحيح وليست متأخرة بناء على غيابهم السابق لاشهر عدة وعلى خلفية ان اتضاح الصورة النهائية بعد الانتخابات ، ايا تكن، يجب ان تكون حافزا لاعادة ترتيب البيت السني باعتباره ركيزة اساسية في اعادة نهوض لبنان وليس فقط في منع تفككه . وهذه النقطة اساسية وفق هؤلاء المراقبين لئلا تقع مسؤولية معنوية في هذا الاطار على الدول الخليجية في وقت احوج ما يكون لبنان اليهم في انهياره المتدحرج.