رصد متعدد لمؤشرات رمزية مهمة
لا كلام راهنا باستثناء كلام الانتخابات وفي انتظار نتائجها مطلع الاسبوع المقبل وبعض المؤشرات المهمة التي يمكن ان تفرزها اولا : لجهة مدى المكاسب التي يمكن ان يحققها المجتمع المدني حتى في لوائحه المتعددة واين باعتبار ان لمناطق الفوز دلالاتها ايضا . وثانيا لجهة امكان ان يحصل اي خرق للوائح الثنائي الشيعي في مناطق سيطرته ولو انه ضامن لحصته من حيث المبدأ بالاضافة الى طبيعة هذا الخرق او مداه لما قد يترجمه من تفلت حقيقي ولو رمزي على هذه السيطرة . يشكل مدى الاقبال السني على الاقتراع تحديا اخر في ظل ارباك تزيده حراجة وصعوبة الحملات التي تستهدف الرئيس سعد الحريري من اجل حضه على المشاركة في توجيه الدعوات لقواعده السنية للاقتراع وعدم الامتناع عنه او مقاطعته باعتبار ان حسمه ايجابا او سلبا مؤثر على الحلفاء السابقين كذلك . وتنسحب هذه المؤشرات المهمة على اتجاهين اخرين ايضا ابرزهما هو رصد القدرة او النجاح في السعي الى عدم اتاحة المجال امام حزب “القوات اللبنانية” لنيل الحصة المسيحية المرجحة في البيئة المسيحية بعدما توالى سحب البساط من تحت حزب القوات في منطقة بعلبك الهرمل وفي البقاع كذلك ومناطق اخرى. وهذا يقود الى رصد الاتجاه الاخر المتمثل في مدى الدعم الذي سيقدمه ” حزب الله” الى حليفه التيار العوني باعتبار ان تزخيمه بالاصوات التي تؤمن له نجاحا كبيرا مقتربا للنجاح الذي توافر له في 2018 الى حد ما لن يقويه في وجه جعجع وفق ما يطمح الحزب فحسب بل يمكن ان يعرقل جهود رئيس الجمهورية المقبل في حال كان يراهن الحزب على وصول مرشح معين قريب منه بحيث يستعيد جبران باسيل تجربة عمه ابان ولاية الرئيس ميشال سليمان بذريعة امتلاكه الكتلة المسيحية الاكبر في عرقلة الحكومات والعهد على حد سواء. ويسري الاهتمام بالقدر نفسه على رصد امكان تحجيم كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي ربطا بما يستشعره كذلك الوزير السابق وليد جنبلاط من اخطار على هذا الصعيد . هذه المؤشرات الرمزية هي التي تكسب الانتخابات اهميتها في المرحلة الراهنة وهي التي قد تحمل مفاجآت اذا وجدت.
اذ انها قد تترك تداعيات قوية ولكن التركيز الديبلوماسي الغربي في شكل خاص لا يترك مجالا لتضييع البوصلة مصرا على اهداف اكبر بمعزل عن النتائج وحساباتها اللبنانية. هذه الاتجاهات يشكل احدها حتمية الذهاب الى انتخابات رئاسية في موعدها على خلفية ان الفراغ هذه المرة سيترك لصانعيه ايا تكن المدة التي سيستغرقها من اجل ترك هؤلاء يتحملون مسؤولية الانحدار الكارثي للبلد على كل المستويات الغذائية والصحية والحياتية . وتاليا فان الاكثرية التي يتم السعي الى السيطرة عليها في الانتخابات راهنا ستكون مسؤولة عن الخيارات الصحيحة ان في اتجاه تأليف حكومة تتخذ القرارات المطلوبة لانقاذ البلد او في اتجاه اتاحة انتخاب رئيس للجمهورية يوافق عليه الجميع ويدعمونه . وتسري معلومات عن ضغوط في الاتجاهين من دون ان يحسم ذلك النجاح في الحالين اذ يروي البعض ان من فاتح رئيس الجمهورية بالحكومة المقبلة كاد ينصحه بالاستعانة بسني من تياره لرئاسة الحكومة لكي يقبل بشروطه.
وفي الزيارة الجديدة التي قام بها بشار الاسد الى ايران والتي غلب عليها صدور مواقف ايرانية عن طبيعتها وما طلبه المرشد الايراني من زائره من ضرورة ” بذل الجهود لتحسين العلاقات بين البلدين”، في تحسين طبيعة العلاقات بين البلدين يظهر تراجع فرص انفتاح وتعويم للنظام كانت لاحت لبعض الوقت . تفاقم الوضع في سوريا على كل المستويات لا سيما الانسانية والحياتية مع الحرب الروسية على اوكرانيا بحيث باتت دمشق تفتقد الى الخط الائتماني الروسي ما دفع بالاسد الى الاستنجاد بطهران التي تستفيد من التوتر مع روسيا في سوريا وفي مناطق اخرى . ويخشى ان الوضع قد يكون اصعب في المدى المنظور مع عدم وجود افق لحل مع روسيا في موضوع اوكرانيا بحيث ان كل الاجتماعات الدولية الاساسية تبدو شبه معطلة ومن دون نتائج على رغم استمرار هذه الاجتماعات. والاهم ما هو على روزنامة سوريا من اقتراب موعد انتهاء صلاحية القرار 2585 في تموز المقبل والذي يعتقد ان روسيا ستمانع تجديد الية المساعدة عبر الحدود في الوقت الذي تواجه مناطق سيطرة النظام ازمة محروقات وغذاء حادة. ليس واضحا اذا كانت ايران تتحمل بلدا اخر منهارا تتحمل مسؤوليته ولن يسمح لها بذلك ، فيما ان الدول الغربية تنتظر من دون صعوبة لا سيما في مرحلة انشغالها باوكرانيا عملية انتقال سياسي لا تحصل في سوريا وستنتظر كذلك عملية اجراء اصلاحات في لبنان من اجل ان تتاح مساعدته من صندوق النقد الدولي ودول اخرى لاحقا.
الاكثرية النيابية ستكون لها كلفة المرة المقبلة فيما تملصت منها الاكثرية الحالية في المجلس النيابي ونجاحها مجددا يعود لقانون انتخابي سيء اكثر من الدعم الشعبي الذي تحظى به . فرئيس الجمهورية الحالي ينأى بنفسه عن كل ما حصل في عهده برميه على ثلاثين عاما مضت فيما لا يتحدث مرة عن فراغ رئاسي احدثه مع حليفه الشيعي لمدة عامين ونصف من اجل الوصول الى الرئاسة التي لم يقم خلالها باي خطوة لمنع الانهيار او تخفيف حصوله . فمبدأ استمرار المسؤولية سيطاول الاكثرية المقبلة كما رئيس الجمهورية ولن تكون هناك اسباب تخفيفية ان في اهمال الذهاب الى مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي لان الابرز ما بعد الانتخابات هو الوضع الاقتصادي والمالي. ومع ان هناك استفسارات ديبلوماسية حول مدى صمود لبنان بما تبقى من الاحتياطي في المصرف المركزي، والاعتقاد في ضوء ذلك ان الهامش للمراوحة قد يخدم من يرغب في ذلك بضعة اشهر او ربما سنة اضافية، فان ما يخشى منه هو دينامية الوضع وما قد يشهده في ظل انفلات بضعة ضوابط قد يكون من بينها غياب السلطة التنفيذية في ظل حكومة تصريف للاعمال وليس حكومة فاعلة.