سنتان عمر مجلس النواب المقبل؟
لا يعني الاتفاق الاوّلي مع صندوق النقد الدولي تفاؤلا كبيرا، لانه اوّلي وليس نهائياً، ولانه مشروط بسلة قد يعجز لبنان عن التزامها، لانها اصلاحية، والبلد لم يعرف اصلاحاً منذ زمن بعيد، وأرضيته ليست مهيأة لأي اصلاح.
يبقى الطريف، كما أوردتُ قبل ايام هنا، ان الصندوق يشترط توقيع الرؤساء الثلاثة على تعهّد خطي بالمضيّ في خطة التعافي. رئيس اول يغادر القصر، مبدئيا، بعد ستة اشهر، ورئيس ثانٍ، وإنْ باقٍ، فانه مقبل على انتخابات بعد شهر ونيف، اي انه قانونا، قد لا يعود رئيسا للمجلس التشريعي، ورئيس ثالث تنتهي ولاية حكومته بعد نحو شهر، ويذهب الى تصريف الاعمال.
واذا كانت زيارة البابا فرنسيس، وعودة السفراء الخليجيين تباعا، والاتفاق الفرنسي – السعودي حول لبنان، مؤشرات ايجابية مبدئيا، فانها تؤجل الانهيار، لنحو شهر من موعده المتوقع بعد الانتخابات النيابية في 15 أيار، لتتمدد مهلة السماح الى ما بعد مغادرة الحبر الاعظم بيروت قبيل منتصف حزيران.
أما الاسوأ الذي دخل على حسابات البعض من اليوم، فهو عدم الاتفاق على الرئيس المقبل للبلاد، وتكرار تجربة الفراغ الرئاسي. فالمجلس الذي ستُصيبه لعنة غياب مكوّن لبناني أساسي، هو الرئيس سعد الحريري، سيبقى أعرجَ. والانتخابات تجري في مرحلة عدم استقرار داخلي وإقليمي، تحرك بعضه المفاوضات على أكثر من مستوى، وإليها حرب أوكرانيا وتداعياتها، مضافة الى الانهيار اللبناني، لتجعل الاستحقاقات في غير توقيتها المناسب.
من هنا، وفي انتظار جلاء المعطيات، تُصبح المرحلة مشوبة بالغموض، وتُصبح التطوّرات والأحداث كأنّها ملء الوقت الضائع إلى حين.
وعليه، فإنّ الانتخابات النيابيّة المقبلة، ستكون المقدّمة لانتخابات رئاسة الجمهوريّة في تشرين، وما لم تتبدّل مُعطيات كثيرة تدفع باتجاه التوافق الخارجي والدولي على رئيس جديد للبلاد، فإنّ الموقع يعود مجدّداً أسير الصراعات، ويعود إلى قصر بعبدا شبح الفراغ يظلّله، وهذا الفراغ يكاد يتحوّل جزءاً من التقليد. فمنذ اتفاق الطائف، عاشت الرئاسة الأولى فراغات أو ما يشبهها، فالتمديد للرئيس إميل لحود فعلاً كان أسوأ من الفراغ في ذاته، إذ جاء في خضمّ عاصفة دوليّة ضربت البلاد والعباد، قبل أن تتحوّل إعصاراً ضرب كل دول المنطقة.
وانتخابات الرئاسة أمام خيارين: الأول، أن تتقدّم حركة المفاوضات والاتصالات على غير صعيد، فيسمح هذا التقدّم بالتوافق على رئيس يكون قادراً على إعادة ربط لبنان بالعالم، وهكذا تتجنّب البلاد الفراغ.
أمّا الخيار الثاني، فهو تعطّل انتخابات الرئاسة، لسبب غير مستبعد في التوقّعات، وهو أن يرفض الرئيس ميشال عون تسليم القصر إلى الفراغ، ما لم يتم انتخاب رئيس جديد، وهذا الأمر موضوع دراسة أُعدّت في عهد الرئيس ميشال سليمان (لم يطّلع عليها، وليست بطلب منه، كما أفاد “النهار”)، وبالتالي فإن على الرئيس، كل رئيس، ضمان تسيير المرفق العام، والاستمرار في مهمّاته حتى تعيين البديل أو انتخابه.
وتعطّل الانتخابات أو عصيان الرئيس، يُستتبع دائما بأزمة واتصالات، قد تقود مجدّداً إلى تسويات، وإلى مؤتمرات للحوار، تسبق الاستحقاق الرئاسي، وكل تسوية قد تتحول سلة تسويات، ربما تقضي على المجلس، وتطالب بانتخابات مجلسيّة مبكرة، تعيد التوازنات الى نصابها، قبل انتخاب رئيس.