صندوق النقد يفاوض بالحقائق الموَثَقًة، والسلطة تُفاوض بالوعود الفارغة…
كتب خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي:
طلب وفد صندوق النقد الدولي التزاماً من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء، بالسير نحو انجاز الإصلاحات المطلوبة للخطة كاملة، لا سيما:
١. إقرار قانون “الكابيتال كونترول”؛ ومن الواضح إستحالة الوصول إلى توافق بين مكونات السلطة السياسية. لبنان يعيش تقاذف التهم بين مكونات السلطة في هذا الموضوع من نيسان من سنة ال ٢٠٢٠.
٢. إدخال تعديلات على قانون السرية المصرفية. السرية المصرفية هي خشبة خلاص الفاسد والفاشل من السلطة السياسية ومن الصعب أن تلجأ السلطة السياسية الفاسدة والفاشلة إلى إدخال أي تعديلات في هذا القانون.
٣. إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي والذي يتطلب تنظيف وضخ رأسمال جديد؛ يجب الإعتراف بأن الأرضية غير جاهزة اليوم.
٤. إعادة هيكلة وتنظيم العمل في مصرف لبنان ليكون على مستوى معايير الحوكمة المعتمدة عالمياً في القطاع المالي. السلطة السياسية فشلت حتى اليوم بالتعاطي بمسؤولية وجدية مع الاتهامات التي يواجهها حاكم مصرف لبنان فكيف لنا أن نتحدث عن إعادة هيكلة كاملة للسلطةالنقدية!
وحتى إذا أنجزنا كل ما سبق ذكره، الوصول الى صرف المساعدات يتطلب وقت؛ ومع الانتخابات النيابية وتشكيل مجلس وزراء جديد والإنتخابات الرئاسية القادمة والذي ينعكس سلباً على قدرات كل مكونات السلطة على الإلتزام بأي شيء إتجاه صندوق النقد. لن يكون الوقت لصالح لبنان المنكوب. يضاف إلى ذلك الحرب على أوكرانيا وما سببته من ضغوطات تضخمية أهلكت الدول المانحة وحولت إهتمامات صندوق النقد الدولي والدول صاحبة القرار في حلحلة الأزمة اللبنانية إلى مكان آخر.
إذا تمكنت السلطة الحاكمة بإقناع فريق عمل صندوق النقد الدولي بأن وعودها بالإصلاح وإعادة الهيكلة هي جدية، يمكن الوصول إلى ما يسمى باتفاق على مستوى فريق العمل (Staff-Level Agreement) لتُرفع مع تقرير فريق عمل الصندوق إلى المسؤول ليرفعه بدوره مع توصياته للمجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي للمناقشة واتخاذ القرار.
وبعد كل هذا قد يصل لبنان إلى “حجم وصرف المساعدة” بعد التشاور مع الدول المانحة (التي أصبحت اليوم هالكة).
على الهامش …
من أسبوع طلبت مصر مساعدة من صندوق النقد الدولي مرفقة بالمشاريع الإنمائية التي تنوي تنفيذها وجاء الجواب أكبر من توقعاتها: أودعت المملكة العربية السعودية ٥ مليار دولار عند المصرف المركزي المصري، ورصدت ١٠ مليارات دولار لإستثمارات مختلفة داخل مصر.
كان لبنان في أولوية “إهتمامات” دول الخليج العربي، واليوم أصبح في خانة “الهموم” وليس الاهتمامات بسبب أداء السلطة السياسية كلها.
كفى وعود فارغة يا أرباب السلطة