بري: كورونا سياسية تضرب لبنان

بري: كورونا سياسية تضرب لبنان

المصدر: الأهرام
20 شباط 2022
أكد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ “لبنان لا يستمر إلا بالاعتدال وبالوحدة، حتى فى مقاومتنا لإسرائيل، لولا الوحدة اللبنانية لما نجحت، فأفضل أساليب المقاومة ضد أى عدو وإسرائيل خاصة هى الوحدة الداخلية”، لافتاً إلى أنّ “هناك (كورونا سياسية) أدت إلى شىء لم يكن أحد ينتظره على الإطلاق، فلبنان الذى كان يُدعى (سويسرا الشرق)، والذى يحب كل العرب ويحبه كل العرب، حتى الآن ليس مفلساً، فهو غنى بأصوله وموارده ولكن لا توجد لديه سيولة”.

وقال برّي، في حوار مع صحيفة “الأهرام” المصرية، على هامش مشاركته في “مؤتمر البرلمانات العربية”، في القاهرة، إنّ “هناك انتخابات نيابية فى أيار المقبل، ثم انتخابات رئاسية بعدها فى تشرين الأول من هذا العام، وبالتالى لابد أن يكون هناك تغير فى المنهجية، وفى هذه الأثناء، على الحكومة اللبنانية أن تكون قد أكملت مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وتتحسن الأحوال، كما حدث فى مصر واليونان والأرجنتين، فكل من هذه الدول مرت بهذه الفترة، وحتى الآن المفاوضات بين الحكومة والصندوق ناجحة جدّاً”.

وردّاً على سؤال حول إمكانية تأجيل الانتخابات، أجاب برّي: “لا يستطيع أحد أن يمنع إجراءها، فحتى الآن كل تشعبات الشجرة اللبنانية لم أجد غصنا واحداً فيها يوحى بـ(لا)، ومعلوماتى من الرؤساء والوزراء والسفراء الذين يزوروننى من كل أنحاء العالم فى خارج لبنان أو داخل العالم العربي، كلهم بإجماع مع إجراء الانتخابات فى موعدها”.

وحول المبادرة الكويتية للبنان، أكد برّي، للصحافي المصري المحاور، أنّه “قبل لقائى بك مباشرة، اعترضت على البيان المشترك للمؤتمر، وقلت (أنا التضامن العربي)، ومن جملة الأمور التى ذكرتها أن لبنان قدم جوابه لوزير الخارجية الكويتية، وفى جزء كبير منه لبى الطلب، وفى جزء آخر طلب الحوار، ثم إن الخلاف فى المبادرة يدور حول القرارين 1559 و1701، دعنا نناقش هنا الأمر: فالقرار 1559 صدر عام 2004، ويقضى بإخراج كافة القوات الأجنبية من الأراضى اللبنانية، فخرجت القوات السورية ولم يخرج الاحتلال الإسرائيلي، فلماذا لا يطالبون أيضاً بخروجه، وبعده فى 2006 صدر القرار 1701، حيث نص بصراحة كلية على تطبيق القرار وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وغيرها، وكل اللبنانيين رضوا ولا يزالون راضين عن القرار، فلماذا يصمتون أو يسكتون عن الموقف الإسرائيلي؟”، وقال: “أنتظر جوابا خلال ثلاثة أيام حول المبادرة الكويتية”.

وأضاف برّي: “هناك حصار عربيّ على لبنان، وهذا الحصار لا يعنى كل العرب، فالاستثناء من ذلك يقع أول ما يقع على مصر”، مؤكداً أنّه “وصل إلى لبنان من مصر 487 طنّاً من المساعدات، منها 265 طنّاً أدوية، ووصلت بحراً لضخامة المساعدات التى تحتاج نحو 37 طائرة لشحنها، هذا الجسر من المساعدات بدأته مصر منذ 4 آب تاريخ انفجار مرفأ بيروت، ولم تتوقف، هذه المساعدات، بينما بقية العرب إما لا يستطيعون، وإما لا يريدون، فلماذا هذا الحصار؟”.

وعن ملفّ ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، أكد برّي أنّه “كنت أقول دائماً للمفاوضين، خاصة الأميركان، إننى لا أريد من المياه الفلسطينية مقدار الكوب الذى أمامك، ولست مستعداً أن أعطى هذا الكوب، أنا أريد رسم الحدود، فإذا كانت حصتى كيلومتراً فأنا مقتنع، وإذا كانت ألفين فلن أتنازل عن سنتيمتر منها، بعد عشر سنوات وتغير خمسة مندوبين أميركيين استطعنا أن نصل إلى اتفاق تفاهم تم الإعلان عنه، من واشنطن ومنّى فى بيروت ومن إسرائيل، فى نفس الوقت تم اتفاق الإطار، وقلت إن دورى انتهي، وسلمت هذا الأمر إلى الجيش وإلى السلطة التنفيذية، وفى أول اجتماع تم الاتفاق كما رسمنا أنه على الجميع ودون استثناء أن يعرف أن هذا الاتفاق جزء لا يتجزأ من التفاهم، وبعد ذلك صارت هناك مطالبات لبنانية والحديث عن نقاط بدلا من البدء بالرسم، وحدث تضارب ما بين خط 29 أو 23 أو خط “هوف”، وأنا فى كل ذلك متمسك بموقفي، لا أتحدث عن خطوط بل حدود”. وتابع قائلاً: “منذ أيام جاء المبعوث الأميركى وسمع منى نفس الكلام الذى أقوله منذ عشر سنوات، لكننى لاحظت تغيّراً وهو وجود تفاؤل كبير من جانبه، وتبين بعد ذلك أنه فى زيارته لرئيس الجمهورية قال للمبعوث إنّ مطالبتنا بالخط 29 كان فى مرحلة التفاوض، لكنى الآن أريد الطريق الذى سلكه الرئيس برى وهو التمسك بالحدود، وأعتقد أن باب التفاهم مفتوح، لكننى لست متفائلا لأننى أعرف نوايا إسرائيل التوسعية والعدوانية”.

كما أكد برّي أنّه “لا يوجد انقسام حول ترسيم الحدود البحرية ولن نسمح به، لأن هذه القضية خطيرة جدّاً، ولن نسمح أن يؤخذ من بحرنا رشفة ماء”.

وخلال المقابلة الصحافية، تحفّظ برّي عن الإجابة حول سؤال عن “انسحاب الرئيس سعد الحريري من المشهد السياسي وتأثيره عربيّاً ولبنانيّاً”.

وسُئل برّي: “خلال الأيام الماضية رأينا هجوما من بعض التيارات اللبنانية على محافظ البنك المركزي رياض سلامة وعلى المدير العام لقوى الأمن الداخلى اللواء عماد عثمان، فكيف ترى تأثير ذلك على الانتخابات النيابية، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟”، فأجاب: “هذا تأثير الكورونا السياسية، ورغم الظروف التى يمر بها لبنان، فإن هناك أمراً جيّداً جدّاً وهو الأمن، فهو مستقر ومنضبط، لكن أن توضع إشكالات بين أمن وأمن كما رأينا من قوات التدخل السريع القضائية وقوى الأمن الداخلى فذلك أمر جد خطير، وبالتأكيد سوف يؤثر على مفاوضات صندوق النقد الدولي، وللعلم فإن المجلس النيابى أصدر قرارا وقانونا بالتدقيق الجنائي، بدءا بالمصرف المركزى وانتهاء بالوزارات، وقد بدأ بالفعل، وأنا أقول دائما إنه لا يجوز أن ندين شخصاً فى العموم إلا إذا قام الدليل على اتهامه وعندئذ فليعاقب”.

كما أكد برّي أنّ “الثنائى الشيعى هو ثنائى وطنى، وهو ابن طائفته، بمعنى أننا متفقون فى موضوع المقاومة، وهذا موضوع نهائي، ومتفقون على أن ننسق خلافاتنا، وهذا لا يعنى أنه لا توجد خلافات، فمن أبرزها وقت انتخاب رئيس الجمهورية من 2014 حتى 2016، كان هناك خلاف أنا ضد ترشحه وأحضر المجلس وهم يقاطعون جلسات المجلس من أجل الضغط لترشحه، وتم انتخاب رئيس للجمهورية ولم أنتخبه وقتها، لماذا لم يتكلم أحد عن هذه الثنائية؟ وبالنسبة لحقيبة المالية فمنذ 1980 وأنا أطالب بحقيبة المالية لتكون من حصة الشيعة، لأنه تم استبعاد الشيعة عن المشاركة فى الدولة”.

وتابع برّي قائلاً: “أنا مع اتفاق الطائف حتى تنفيذه بالكامل، ومع المطالبة بتطويره أيضا إلى دولة مدنية، لأن دستور الطائف يسمح بإقامة دولة مدنية”… “هل لا تزال من أمنياتك إلغاء الطائفية السياسية؟”. “نعم لا تزال من أمنياتي، وتطبيق بنود الطائف يؤدى إلى إلغاء الطائفية السياسية، فالدستور فى المادة 22 منه تقول «إنه بعد انتخاب أول مجلس نيابى على أساس وطنى لا طائفى يستحدث مجلس الشيوخ إلغاء الطائفية السياسية، وقد طرحته فى حوار 2008، وقدمت قانونا انتخابيا ولكنه لم يقر، ولا يزال داخل اللجان، لأن هناك رفضاً طائفيّاً ضده، فإنشاء مجلس شيوخ يعطى حقوقا للطوائف وصلاحيات تحافظ على كل شىء يتعلق بالطائفة، وتكون الصلاحيات فى القطاعات الأخرى نيابية وغيرها على أساس الكفاءة كما فى كل دول العالم”.

وسُئل برّي: “هل تعتقد أننا فى المرحلة الثانية من “سايكس – بيكو” جديد لتقسيم المنطقة؟”. “هذا هو أخطر الأسئلة، إذا بقى الوضع على ما هو عليه، فإن الحلول فى المنطقة سيدفع ثمنها العرب أو بعض العرب، وبكل صراحة الآن توجد عدة إمبراطوريات فى المنطقة ومنها الإمبراطورية الإسرائيلية، مع الأسف الشديد”.