بعد عودة سفراء «مجلس التعاون» والتوقيع المبدئي مع صندوق النقد ماذا عن صفقة هوكشتاين للترسيم؟
تزامن قرار عودة سفراء المملكة العربية السعودية والكويت واليمن الى بيروت، مع توقيع لبنان الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، ضمن مسار اطار المبادرة الكويتية -الخليجية، المدعومة بجهود سعودية -فرنسية، والتجاوب اللبناني مع شروط هذه المبادرة الإصلاحية، سياسيا وماليا بعد تردد ومماطلة.
وتفسير هذين المستجدين ان رياح الحلول لازمات لبنان المتشعبة قد هبت واولى اختباراتها انتخابات 15 مايو، دونها بعد، انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الإسرائيلي، لتكتمل بنود صفقة اموس هوكشتاين الوسيط الأميركي -الإسرائيلي المنبت، بين لبنان وإسرائيل، والتي ضمن بنودها الاغرائية، ما من شأنه الإطاحة بالانتخابات الموعودة.
الترحيب اللبناني بعودة الديبلوماسية الخليجية الى لبنان، فاق عند اللبنانيين موضوع الاتفاق الدولي مع بعثة صندوق النقد، الا ان الأخير اخذ من المتابعات اهتماما كبيرا، لأنه يضع سكين صندوق النقد ومن خلفه، على عنق الاقتصاد اللبناني المترهل لآجال مفتوحة.
فقد انجز اطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لكن التوافق الاولي، لن يصبح منجزا الا بعد تنفيذ أربعة شروط أساسية على الجانب اللبناني، تتطلب موافقة مجلس النواب الخاضع عمليا لثنائي أمل ـ حزب الله، وبعض حلفائهما.
وعناوين هذه الشروط: انجاز مشروع الموازنة العامة وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وتعديل قانون السرية المصرفية، وإقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
والسؤال المطروح هنا، هل ان مجلس النواب الحالي، بتركيبته السياسية الحاضرة، قادر على تنفيذ هذه الشروط قبل 35 يوما من موعد الانتخابات؟ ذلك امر مستصعب، ان من حيث القناعة السياسية، او من حيث المهلة الزمنية، لذلك سمي الاتفاق «اوليا» ولن يصبح قانونا وبرسم التنفيذ قبل الانتخابات، أي خلال ما تبقى من عمر المجلس النيابي. وضمن الشروط التفصيلية المطلوبة: إعادة هيكلة المصارف، تكليف مؤسسة دولية بإجراء كشف على المصارف الـ 14 الكبرى في لبنان، وتعديل قانون السرية المصرفية في مجلس النواب ليتلاءم مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد وإزالة العوائق امام إعادة بناء القطاع المصرفي وإعادة تكوين الودائع ومكافحة الجرائم المالية، والتدقيق في وضع المصرف المركزي وموجوداته الخارجية، وموافقة الحكومة على استراتيجية متوسطة الأمد لاعادة هيكلة الضرائب والدين وإقرار موازنة 2022 في مجلس النواب، وتوحيد سعر الصرف في البنك المركزي وتطبيق الضوابط على التحويلات والسحوبات بشكل رسمي.
ويقول رئيس الحكومة ان كل هذه الالتزامات ستكون على جدول اعمال جلسات مجلس الوزراء قبل الانتخابات النيابية لوضعها في صور مشاريع قوانين تحال الى مجلس النواب متمنيا على المجلس ان ينظر بها بأسرع وقت ممكن.
وقال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ان الاتفاق يحتاج الى موافقة إدارة الصندوق وكذلك الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، ولاسيما بالنسبة للقوانين الملح إصدارها قبل موافقة مجلس إدارة الصندوق على البرنامج بشكل نهائي.
بدوره، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الاتفاق المبدئي إنجازا للحكومة على طريق معالجة الازمة، معلنا باسمه وباسم المجلس النيابي عن جهوزيته لمواكبة هذا الإنجاز لتأمين التشريعات المطلوبة لانجاح برنامج الصندوق وضمان ودائع اللبنانيين والمودعين.
وبالفعل أحال بري أمس، مشروع قانون معجل للكابيتال كونترول، الى اللجان النيابية المشتركة وهو يرمي الى وضع ضوابط استثنائية مؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية، وستباشر اللجان المشتركة درسه اعتبارا من الاثنين المقبل.
ويشكل اتفاق الاطار مع صندوق النقد الدولي عامل ثقة للاستثمار الخارجي، لكون الايداعات العربية والدولية، ستكون بالرعاية والصون، وليس من خلال الثقة بسياسات تسببت بالانهيار وبنفسها أعلنت افلاسها.
انتخابيا، مازالت قناة «الجديد» ترى ان عملية تطيير الانتخابات احتمالا واردا مع كل أزمة تطل برأسها على مشهد مايو، وآخرها اعلان 40 قاضيا من لجان القيد الانتخابية اعتذارهم عن عدم قبولهم المهمات المسندة اليهم في اللجان، وذلك على خلفية مطالب مالية ولوجيستية، تبدأ بالرواتب والمخصصات ولا تنتهي بتحسين بأوضاع العدل، 40 أضربوا وآخرون سيلحقون ببهم.
صحيفة «نداء الوطن» اعتبرت ان الالتزام الذي قطعته السلطة اللبنانية وتعهدت من خلاله بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة منها لقاء توقيع الاتفاق المبدئي مع الصندوق، لا يعدو كونه اكثر من «كذبة 7 ابريل» وأضافت هناك استحالة بالتزام هذه السلطة بأي التزامات إصلاحية، انما هي مجرد ممر الزامي للمضي نحو الاستحصال على موافقة الهيئات العليا في صندوق النقد.
ويبدو ان معظم الملفات المعقدة، رحلت الى ما بعد الانتخابات، بما في ذلك تحديد مصير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وان الاتفاق المبدئي الذي ابرم مع لبنان في السابع من ابريل، انما اتى استجابة لرغبة فرنسية ـ خليجية في تعويم الحلول للأزمة اللبنانية المستعصية، لكن ذلك سيفضي الى تعويم هذه السلطة عشية الانتخابات بنظر البعض، فيما البعض الاخر يستبعد ضخ الروح بسلطة تحتضر.
وضمن العرقلات المطروحة الى جانب اعتذار قضاة لجان القيد عن أداء مهامهم الانتخابية، تطل ازمة التشكيلات الديبلوماسية المعقدة، والتي يمكن ان تصلح كجناح آخر لتطيير هذه الانتخابات، اذا كان ثمة من يريدها ان تحلق بعيدا عن 15 مايو.
فقد اعلن رؤساء الوحدات في وزارة الخارجية المهيمن عليها من رئيس التيار الحر جبران باسيل، الاضراب المفتوح بعد امتناع رئيس الحكومة، عن طرح ملف التشكيلات الديبلوماسية المتفق عليه مسبقا، مع مجلس الوزراء، قبل ادخال تعديلات جوهرية عليه ويحتسبها ميقاتي محقة.
وقد يقود اضراب السفراء والملحقين الى شل العمل في وزارة الخارجية ويهدد بالتالي اقتراع المغتربين في الانتخابات النيابية.